عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
179604 مشاهدة
علة الصرف في النقدين

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشارح -رحمه الله تعالى- فصل: ومتى افترق المتصارفان بأبدانهما كما تقدم في خيار المجلس قبل قبض الكل: أي كل العوض المعقود عليه في الجانبين، أو قبل قبض البعض منه بطل العقد فيما لم يقبض سواء كان الكل أو البعض؛ لأن القبض شرط لصحة العقد؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- وبيعوا الذهب والفضة كيف شئتم يدا بيد .


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله، وصحبه. تقدم أن الصرف هو بيع نقد بنقد سواء كان من جنس؛ كذهب بذهب، وفضة بفضة؛ أو من جنسين؛ كذهب بفضة، أو فضة بذهب.
والعلة فيهما واحدة في الذهب والفضة قد تقدم أن بعض العلماء يقول: العلة فيهما الوزن، وبعضهم يقول: العلة الثمنية. فالذين قالوا: العلة فيهما الوزن، قالوا: يلحق بهما كل موزون؛ فلا يباع بعضه ببعض إلا متماثلا، ولا يباع موزون بموزون ولو كان من جنسين إلا يدا بيد.
فلا يباع حديد بنحاس إلا يدا بيد، نحاس بنحاس مثلا بمثل يدا بيد، أو صوف بشعر، أو بقطن يدا بيد، صوف بصوف مثلا بمثل يدا بيد، أو قطنا بقطن مثلا بمثل يدا بيد؛ هذا على القول بأن العلة فيهما كونهما موزوني الجنس.
فيقال كذلك فضة بفضة مثلا بمثل يدا بيد، ذهب بذهب مثلا بمثل يدا بيد؛ العلة فيهما الثمنية أو الوزن. إذا قيل: العلة فيهما الثمنية ألحق بهما كل ما هو من الأسماء ما يجعل ثمنا للسلع، سواء مضروبا؛ كالحلل التي تصنع من النحاس، أو غير مضروب كالأوراق النقدية في هذه الأزمنة.
وإذا قيل: إن الأوراق لا توزن فعلى القول بأن العلة الوزن لا تكون الأوراق بعضها ببعض ربوية. ولكن إذا قيل العلة الثمنية فمن المعلوم أن الأوراق تجعل أثمانا. فثمن الكيس عدد كذا أوراقا. أوراق نقدية.
وثمن الكرسي أوراق نقدية، وثمن الثوب أوراق نقدية، وثمن العباءة، وثمن الشاة، وثمن السيارة أصبحت هي الأثمان سواء كانت بالريالات السعودية، أو القطرية، أو اليمنية، أو الدولارات الأمريكية، أو الدنانير الدينارات العراقية، أو الكويتية، أو البحرينية، أو الدراهم الدرهم الإماراتي، ونحوه، أو الجنيه المصري، أو السوداني مع اختلافهما، أو الليرة التركية، أو اللبنانية، أو السورية، أو غيرها من العملات. فإنها كلها تجعل أثمانا في بلادهم.
فإنه إذا اشترى منك أحد مثلا ثوبا في مصر لا يسلم لك إلا أوراقا مكتوب عليها جنيه مصري. وكذلك مثلا إذا اشترى منك كيسا مثلا في العراق لا يسلم لك إلا دينارا عراقيا.
فعلى هذا فالأصل والراجح أن العلة فيها الثمنية فيصح التفاوت فيها إذا اختلف الجنس. إذا اختلفت الأجناس فمثلا ريال سعودي، وريال يمني الاسم واحد، ومع ذلك القيمة تتفاوت؛ فيصح صرف هذا بهذا، ولكن لا بد من التقابض في المجلس، ومع وجود التباين، والتفاوت في القدر؛ يعني أن الريال السعودي يساوي عشرين، أو ثلاثين ريالا يمنيا.
وكما أن الريال القطري أثمن من الريال السعودي، وكذلك الدينار الكويتي أرفع قدرا من الدينار العراقي بأضعاف مضاعفة. ولو اتفق الاسم ما دام أن العوض الذي يدفع فيه يتفاوت؛ والرغبة فيه تتفاوت؛ فلذلك يصح التفاوت فيما إذا اختلفا، ولو اتفق الاسم. اختلف المصدر ولكن مع ذلك كله لا بد من التقابض.